نقوم ونبنى

 

هذا هو شعار مهرجان الكرازة المرقسية (لعام 2019 إن شاء الله) الذى حددته اللجنة المركزية للمهرجان (12 أسقف + 50 كاهن + 150 من قيادات الخدمة) بصلوات ورعاية أبينا الحبيب قداسة البابا تواضروس الثانى، وأحبار الكنيسة الأجلاء، والآباء الكهنة والأمناء والخدام.. وهو الشعار الذى نادى به نحميا النبى قائلاً: "إِلَهَ السَّمَاءِ يُعْطِينَا النَّجَاحَ، وَنَحْنُ عَبِيدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِى" (نح 20:2).

وفى هذا الشعار: 1- ذكرى. 2- دروس. 3- منهج حياة.

نحميـــا.. يبنـــى..

1- لما خرج نحميا (ساقى الملك) من قصر الملك، ليفتقد إخوته فى أورشليم،
ومعه رجال قليلون، ودون أن يخبر أحدًا بما ينويه، حيث كان الله قد وضع
فى قلبه، ما يجب أن يعمله لأورشليم! (نح 11:2-12).

ولم يكن معه رجال ولا معدات!! خرج راكبًا على بهيمة (نح 12:2).

- خرج ليلاً، وأخذ يتفرس "فِى أَسْوَارِ أُورُشَلِيمَ الْمُنْهَدِمَةِ وَأَبْوَابِهَا الَّتِى أَكَلَتْهَا النَّارُ" (نح 13:2).
- ثم دخل من باب الوادى راجعًا، ولم يعرف الولاة إلى أين ذهب، ولا ماذا
سيعمل؟! (نح 16:2).

2- ثم قال لهم بعد ذلك: "أَنْتُمْ تَرُونَ الشَّرَّ الَّذِى نَحْنُ فِيهِ، كَيْفَ أَنَّ أُورُشَلِيمَ خَرِبَةٌ، وَأَبْوَابَهَا قَدْ أُحْرِقَتْ بِالنَّارِ"، ثم صاح فيهم صيحته الخالدة: "هَلُمَّ فَنَبْنِىَ سُورَ أُورُشَلِيمَ وَلاَ نَكُونُ بَعْدُ عَارًا" (نح 17:2). ثم شرح لهم ماذا قال له الملك.. فقالوا جميعًا: "لنقم.. ونبنى"، وشددوا أيديهم للخير..
3- ثم حدثت محاربات شديدة ضد نحميا، وضد بناء الأسوار: حيث يقوم نحميا
"هَزَأُوا بِنَا وَاحْتَقَرُونَا" (نح 19:2). وقالوا له: "مَا هَذَا الأَمْرُ الَّذِى أَنْتُمْ عَامِلُونَ؟ أَعَلَى الْمَلِكِ تَتَمَرَّدُونَ؟" (نح 19:2). فأجابهم نحميا: "إِنَّ إِلَهَ السَّمَاءِ يُعْطِينَا النَّجَاحَ، وَنَحْنُ عَبِيدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِى" (نح 20:2). وفى هذه الآية نجد منهجًا متكاملاً للحياة الروحية، التى يجب أن نحياها اليوم.
4- وهنا نتذكر ما آلت إليه أمور بنى إسرائيل فى ذلك العهد، من سبى أشورى
إلى سبى بابلى، إلى أن داس الأمم هيكل الله، ورفعوا عليه ذبائح مرفوضة،
كقول السيد المسيح: "فَمَتَى نَظَرْتُمْ رِجْسَةَ الْخَرَابِ الَّتِى قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِىُّ، قَائِمَةً حَيْثُ لاَ يَنْبَغِى، لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ" (مر 14:13).. وذلك بعد أن وجد تيطس القائد الرومانى أن أورشليم والهيكل، مبنيان على الجبل، على مرتفعات صعب الوصول إليها وغزوها عسكريًا.. فكل من يصعد إلى الجبل ليغزوها، سيرميه ساكنوها بالحجارة من فوق، ويدمرونه!!
5- وهذا فكر القائد الرومانى فى أن يحاصر الجيش الجبل، من على بعد معقول، بحيث يمنع الماء والغذاء عن الشعب، فيموتون جوعًا!!
6- وهذا ما حدث، فبعد أن تهالك الشعب من الجوع والعطش، هجم الجيش الرومانى بقيادة تيطس القائد الرومانى على أورشليم سنة 70م، وقاموا بغزوها، وتدمير الهيكل، إذ مات الكثيرون بسبب المجاعة والمرض، وكان الباقون لا يستطيعون دفن الموتى من شدة ضعفهم لعدم التغذية، حيث كانوا يضعون الموتى فى الأدوار السفلى من البيوت.. وكانت مأساة رهيبة!!



وهكذا تحققت نبوءة السيد المسيح.. حين دخلت جيوش الرومان إلى أورشليم وهدموها، وقتلوا من فيها، وخربوا الهيكل، حيث لم يترك فيه حجر على حجر إلا ونُقض، كقول السيد المسيح حينما آراه التلاميذ أبنية الهيكل: "إذ قَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ: يَا مُعَلِّمُ، انْظُرْ! مَا هَذِهِ الْحِجَارَةُ! وَهَذِهِ الأَبْنِيَةُ! فَأَجَابَ يَسُوعُ وقالَ لهُ: أَتَنْظُرُ هَذِهِ الأَبْنِيَةَ الْعَظِيمَةَ؟ لاَ يُتْرَكُ حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ" (مر 1:13-2).. ثم قال لهم: "انْقُضُوا هَذَا الْهَيْكَلَ، وَفِى ثلاَثَةِ أَيَّامٍ أُقِيمُهُ" (يو 19:2).. وهنا لم يكن يتكلم عن هيكل سليمان بل كان يتحدث عن هيكل جسده، فالسيد المسيح هنا يخبرهم عما سيفعلونه به تتميمًا للنبوات، وأنه سيقوم فى اليوم الثالث بعد أن يقتلوه. وهكذا سيحكمون على هيكلهم وأمتهم بالخراب. وهذا ما تم فعلاً، حيث تم هدم الهيكل الحجرى (على يد تيطس القائد الرومانى سنة 70م)، وجاء وبناء الهيكل الجديد أى الكنيسة..

أما ما قاله الرب يسوع عن هيكل جسده.. وأنه فى ثلاثة أيام يقيمه.. فهو
ما حدث بالفعل فى قيامته المجيدة الفريدة فى اليوم الثالث:

1- أقام الرب نفسه بنفسه..
2- قام بجسد نورانى روحانى سماوى وظهر لكثيرين.. ثم صعد إلى السموات..
3- قام ولم ولن يمت إلى الأبد..

هكذا يظل شعار "نحميا": "نقوم.. ونبنى".. قائمًا.. دروسًا ومنهج حياة.. إذ علينا نحن أيضًا الآن أن "نَقُومُ وَنَبْنِى".. فما معنى هذا الشعار لحياتنا الآن؟

أولاً: نقــــــــــــــوم

- القيامة هنا هى "قيامة التوبة".. "اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ فَيُضِىءَ لَكَ الْمَسِيحُ" (أف 14:5)..
- والموت هنا هو "موت الخطية".. لأن "أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِىَ مَوْتٌ" (رو 23:6).

الموت هنا عقوبة ونتيجة طبيعية، لأن الخطية:

1- تدمر الجسد.. 2- وتقتل الروحانية..
3- وتفقد الخاطئ الحياة الأبدية..

من هنا تلزمنا التوبة.. وهى ما تعنيه كلمة "أقوم!!"..

فالتوبة هى : الصحوة الروحية، التى فيها يقوم الإنسان، بوعى كامل، وإصرار ثابت - (مثل الابن الضال) - من منطقة الخطيئة والتعدى، إلى حضن المسيح، وحياة الكنيسة.

1- قيامة من الخطية المميتة.. 2- إلى حياة روحية جديدة ومتجددة.
3- تؤهلنا إلى حياة أبدية خالدة مع الله فى الملكوت.
مفهوم التوبة والاعتراف فى كنيستنا :

1- الندم على الخطية.. من كل القلب، بحيث يشعر التائب أن ما عاشه هو نوع
من الموت الروحى، والانفصال عن الله، والتدمير المستمر للكيان الإنسانى.
2- العزم على تركها.. فبدون هذا العزم، يتحول التائب إلى إنسان يتمنى دون أن يجاهد، ويتكلم دون أن يفعل. فالعزم على ترك الخطيئة يظهر من الجهاد الأمين الذى يبذله الإنسان، كى يتخلص من هذه الأمور السلبية، وهكذا يحرص على أفكاره، وحواسه، ومشاعره، وإرادته، وسلوكياته، مقاومًا كل إغراء أو ضغط، مظهرًا للرب نية صادقة فى التوبة والجهاد والحياة المقدسة، وهنا نتذكر قول الحكيم: "مَنْ يَكْتُمُ خَطَايَاهُ لاَ يَنْجَحُ، وَمَنْ يُقِرُّ بِهَا وَيَتْرُكُهَا يُرْحَمُ" (أم 13:28).
3- والاعتراف أمام الأب الكاهن.. وهذا تتميمًا لكلام السيد المسيح للتلاميذ حيث أعطاهم سلطان الحلّ والربط: "كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِى السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِى السَّمَاءِ" (مت 18:18)، ثم يتقدم المعترف للتناول من الأسرار المقدسة.

وفى الاعتراف، يأخذ التائب - كما علمنا قداسة البابا شنوده الثالث - حِّلاً وحَّلاً
الحِلْ من الخطايا، والحَلْ للمشكلات الروحية التى تعوق نمونا الروحى.

ملامح هامة للتوبة :

لكى تكون التوبة ناجحة، يجب أن تشتمل على الملامح التالية:

1- سريعة : فما أخطر تسويف العمر باطلاً "أَنَّهَا الآنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّوْمِ،
فَإِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا" (رو 11:13).

- "هُوَذَا الآنَ وَقْتٌ مَقْبُولٌ. هُوَذَا الآنَ يَوْمُ خَلاَصٍ" (2كو 2:6).

2- حاسمة : فالتائب المتردد هو: "رَجُلٌ ذُو رَأْيَيْنِ هُوَ مُتَقَلْقِلٌ فِى جَمِيعِ طُرُقِهِ" (يع 8:1).

ومن المهم أن يحسم الإنسان أموره، بعد أن يحسب حساب النفقة قائلاً:
"كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِى يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعًا! أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِى وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِى، أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ" (لو 17:15-18).
3- شاملة : فالتوبة السليمة يجب أن تشمل كل جوانب النفس، وزوايا الحياة :

- إنها توبة الفكر، عن كل انحراف ذهنى.
- وتوبة الحواس، عن كل استخدام خاطئ.
- وتوبة القلب، عن كل مشاعر سلبية.
- وتوبة الإرادة، عن كل نية غير سليمة، أو اتجاه غير بنَّاء.
- وتوبة الأعمال، عن كل تصرف سلبى، أو سلوك لا يمجد الله.
- وتوبة الخطوات، إذ تلتزم بطريق الملكوت.

إن أخطر ما فى التوبة، أن تظل خطيئة محبوبة، مقبولة منا، ولا نجاهد ضدها، فالذى لا يعطى الرب كل شئ، كأنه لم يعطه أى شئ.

4- مستمرة : فالتوبة فى المفهوم الأرثوذكسى والكتابى - هى توبة مستمرة طوال العمر، وهذا واضح من غسل السيد المسيح لأرجل تلاميذه، دون تكرار غسل أجسامهم، فالمعمودية لا تتكرر لكن التوبة تتكرر، إذ تتسخ أرجلنا من سلوكيات هذه الحياة، ونحتاج أن نغسلها.

وما أحلى أن يحاسب الإنسان نفسه بعد كل سقطة، ويقوم!! ولكن أحلى من ذلك، أن يحاسب الإنسان نفسه قبل أى سقطة، فينتصر بنعمة الله!!

التوبة تجديد ذهنى مستمر، وميطانية دائمة التوبة، وقيامة أولى، وحياة متجددة تمهدنا للقيامة الثانية، وتنقذنا من الموت الثانى.

5- مثمرة : "فَاصْنَعُوا أَثْمَارًا تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ" (مت 8:3)، فالمسيحية لا تكتفى بالشق السلبى فى التوبة، أى الخلاص من السلبيات، بل تتجه بنا إلى الشق الإيجابى، أن نصنع أعمالاً مقدسة، ونطرح ثمارًا لائقة. ومن غير المعقول أن شجرة التوبة تظل عقيمة، بينما الرب يسوع يطلب منا ثمار الروح: "مَحَبَّةٌ، فَرَحٌ، سَلاَمٌ، طُولُ أَنَاةٍ، لُطْفٌ، صَلاَحٌ، إِيمَانٌ، وَدَاعَةٌ، تَعَفُّفٌ" (غل 22:5-23).

المطلوب إذن لحياتنا ونمونا :

1- التوبة والاعتراف الأمين أمام الله والأب الكاهن.. لننال الحِلْ والإرشاد.
2- التناول بانتظام لنأخذ المسيح داخلنا ونثبت فيه ويثبت فينا.
3- تسبقهما (المعمودية والميرون) لنصير أعضاء فى جسده المقدس "الكنيسة المقدسة"..
4- وبإرشاد الأب الكاهن نحيا بنقاوة ونأخذ بركات باقى الأسرار الكنسية السبعة التى تبنى حياتنا: مسحة المرضى (فيه توبة واعتراف أيضًا)، حتى سر الزيجة لمن سيتزوجون (يسبقه سر الاعتراف والاستعداد)، ثم سر الكهنوت (للرجال فقط) يناله المدعو من الله لهذه الخدمة، وهو الذى يمارس ذلك كله كأمر الرب.

ثانيـــًا: نبنـــــــــــى

لا يكفى أن نقوم.. ونقف صامتين كسالى!! لكن ينبغى بعد القيام.. أن يبدأ البناء!! فنبنى: حاضرنا ومستقبلنا.. والبناء هنا:

1- بناء الجسد : "لَمْ يُبْغِضْ أَحَدٌ جَسَدَهُ قَطُّ، بَلْ يَقُوتُهُ وَيُرَبِّيهِ" (أف 29:5)..
2- بناء النفس : "اَلنَّفْسُ الشَّبْعَانَةُ تَدُوسُ الْعَسَلَ" (أم 7:27)، ويقصد عسل الخطية المسموم!! فالشبع بالرب يسوع يجعل الإنسان يعزف عن أطعمة العالم والشيطان، لأنها فاسدة ومدمرة للكيان الإنسانى كله.
3- بناء الذهن : فالوجود فى بيت الله، وشركة المؤمنين ومجالات الخدمة، يبنى الذهن بأفكار مقدسة بناءة "مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ" (أف 18:1)..
4- بناء الروح : إذ تشبع أرواحنا بالمسيح، وشركة القديسين، والأسرار الكنسية، وأنواع الصلوات المختلفة، والمناسبات الكنسية، والأصوام المقدسة.. إلخ.
5‍- بناء علاقات مقدسة اجتماعية : داخل الأسرة، وفى الكنيسة، ومكان الدراسة والمجتمع.. فنحيا كنور للعالم وملح للأرض، مثمرين فى كل عمل صالح، وادين بعضنا البعض بالمحبة.

إن الشخصية المسيحية يجب أن تكون شخصية متكاملة، وناجحة فى كل شئ، والرب يسوع هو طريقنا الوحيد إلى تكوين هذه الشخصية التى يكون فيها الشخص:

1- سليمًا جسديًا : أن تكون صحته جيدة، بالغذاء والراحة والرياضة فإن "الْجَسَدَ لَيْسَ لِلزِّنَا بَلْ لِلرَّبِّ، وَالرَّبُّ لِلْجَسَدِ" (1كو 13:6). حيث لا انحرافات ولا إدمان ولا نجاسة.

كما أن الخطيئة تدمر الجسد، وهذا أمر معروف، فالنجاسة لها أمراضها الخطيرة، وأخطرها الإيدز الذى يحطِّم جهاز المناعة، والكالاميديا التى تصيب الأنثى بالعقم، والهربس المؤلم والضار.. إلخ. وما ينطبق على النجاسة من حيث أضرارها على الصحة الإنسانية - ينطبق على التدخين، الذى يدِّمر الرئتين والقلب والمعدة والإبصار، وينطبق أيضًا على المخدرات التى تتسبب فى ضمور العقل، مع آلام الانسحاب الرهيبة، وعلى الخمر التى تتسبب فى سرطان الكبد وفشل الكلى.

2- منضبطًا نفسيًا : فالشخص يحتاج إلى النعمة والصفاء والسلام الداخلى، وضبط الغرائز والعواطف، وإشباع الاحتياجات المختلفة: كالحاجة إلى الحب، والتقدير، والانتماء، واختيار العادات والاتجاهات السليمة.

كذلك تدمر الخطيئة النفس، فالنفس الآثمة تكون دائمًا مرتبكة ومنفلتة وغير متماسكة، فاقدة للسلام والسعادة "لاَ سَلاَمَ، قَالَ الرَّبُّ لِلأَشْرَارِ" (إش 22:48)، بينما تكون النفس التائبة، المنضبطة بالروح، والمقدسة بالنعمة، قادرة على قمع تيارات الإثم العاملة فى الداخل والخارج معًا، إذ تسيطر بقوة الروح القدس على غرائزها، وحاجاتها النفسية، وعلى عاداتها وعواطفها واتجاهاتها فتصير نفسًا هادئة، يشع منها سلام سمائى.

3- مستنيرًا ذهنيًا : بأن يهتم أن يثقف عقله، بالقراءة والثقافة والعلوم، فلا يظن أن العزلة الفكرية عن المجتمع أمر سليم، فهذا يحرمه من إمكانية التعامل والتفاهم مع الغير، لأنه سيحدثهم من عالم غير عالمهم، والرب لم يشأ أن يأخذنا من العالم بل أن يحفظنا من الشرير (يو 14:17-15).

كما أن الخطيئة تدمر الذهن، فالعقل المنشغل بالآثام، يستحيل أن يكون قادرًا على التركيز والإنتاج، ولا يمكن أن يكون مستنيرًا بنور الله، قادرًا على الإفراز والتمييز، وعلى اختيار القرار السليم، والخطوة الصائبة.

4- شبعان روحيًا : من خلال شركته مع المسيح وصلواته، وإنجيله، وتناوله، وقراءاته الروحية، واهتمامه بالخلاص، والأسرار، والتوبة، والنمو الروحى، وخدمة الآخرين، وحياة التقوى "وَأَمَّا التَّقْوَى مَعَ الْقَنَاعَةِ فَهِىَ تِجَارَةٌ عَظِيمَةٌ" (1تى 6:6).

فالخطيئة - قطعًا - تدمر الروح الإنسانية، إذ تحرمها من نسيم الروح القدس، وفرحة الرضا الإلهى، وتجعل الروح فى حالة مجاعة خطيرة، تؤدى إلى السقوط والمزيد من الخطايا والآثام.
5- ناجحًا اجتماعيًا : فى الأسرة والكنيسة والمجتمع، وتعتبر العلاقات الاجتماعية علامة على سلامة البناء النفسى والروحى للإنسان، حيث يقدم الإنسان للمجتمع شهادة حية عن مسيحه الساكن فيه "فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَىْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِى فِى السَّمَاوَاتِ" (مت 16:5).

لذلك فالشاب المسيحى المنغلق على نفسه، أو حتى على أصدقائه، دون أن يكون له رسالة فى مجتمعه، وطاقة حب ينشرها بين مواطنيه، هو بالضرورة غير متكامل الشخصية، ويمكن أن يفشل اجتماعيًا وروحيًا.

كذلك فالخطيئة تدمر العلاقات الإنسانية، إذ يستحيل على إنسان أن يقبل التعامل والصداقة مع إنسان شرير ومنحرف، بينما يكون الإنسان التقى موضع حب وثقة من جميع الناس "مَشْهُودٌ لَهُ مِنَ الْجَمِيعِ وَمِنَ الْحَقِّ نَفْسِهِ" (3 يو 12:1).

- هكذا نقوم. - وهكذا نبنى.. نبنى ماذا؟

1- أسوار أورشليم.. أى الحواس المدربة، "وَأَمَّا الطَّعَامُ الْقَوِىُّ فَلِلْبَالِغِينَ، الَّذِينَ بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ" (عب 14:5).
2- وقلب أورشليم.. "خَبَّأْتُ كَلاَمَكَ فِى قَلْبِى لِكَيْلاَ أُخْطِئَ إِلَيْكَ" (مز 11:119).
3- وهكذا تحل علينا: نعم الله، وفضائله، وثمار روحه القدوس فينا، بعد أن دشنتنا الكنيسة فى سر الميرون المقدس "أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟" (1كو 16:3).

- ويأتى بعد ذلك التعبير عن هذه العطايا بالخدمة الأمينة فى الأسرة، ومع الأصدقاء، وفى الكنيسة، والمجتمع..
- فتنطبق علينا وصية الرب يسوع: "فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَىْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِى فِى السَّمَاوَاتِ" (مت 16:5).

الرب يعطينا مهرجانًا مشبعًا لأرواحنا، ومنميًا لحياتنا الروحية، لنصير أغصانًا مثمرة فى كرم الرب، ويشبع بالخير عمرنا، لنحيا له، ولنشهد لاسمه القدوس كل الأيام، بصلوات راعينا الحبيب قداسة البابا تواضروس الثانى، وأحبار الكنيسة الأجلاء، والآباء الكهنة، والأمناء والخدام.. لربنا كل المجد إلى الأبد أمين.

بقوة نقوم وهنبنى السور

وبدل العتمة يشرق نور

ونمد جسور

فيها ثبات وأمانة وخير

زى الطير

بيتنا فى شجرة الإيمان

طرحت أغصان

شعب وكهنة ورهبان

كنيستى بتبنى حيطانها بخور

وسحاب من نور

صخر إيمانها عمره ما لان

عقيدتنا قوية وليها جدور

جدودنا نسور

وإحنا ولادهم نبنى السور

تأليف : عمل جماعى للجنه المركزية للمهرجان
تلحين : مينا ميلاد

Email This Share to Facebook Share to Twitter Stumble It Delicious Digg MySpace Google More...
Powered by Epouro | Designed by MBA Design